لماذا كليات التربية ؟



فى عام 2003 واثناء تولى الدكتور مفيد شهاب وزارة التعليم العالى صدر قرار الغاء كليات التربية ضمن مؤتمر تطوير التعليم العالى  بناءا على توصية من البنك الدولى ، وظهرت ردود افعال كبيرة من قبل أعضاء هيئة التدريس بالجامعات المصرية وعلى رأسها العاملين فى حقل كليات التربية برفض هذا المقترح ، وعلى أثر الاعتراض تم تجاهل التوصية وبقيت كليات التربية .
منذ ذلك الوقت وحتى الان يتم التلويح بضرورة تحويل كليات التربية الى أكاديميات يقتصر دورها على منح دبلوم التربية عقب حصول الخريج على الشهادة الجامعية ، كما ينوه من يدفع نحو الغاء كليات التربية بأن دورها قد انتهى وتسببت فى سوء حالة التعليم ، وأن الغاء أمر التكليف لخريجى كليات التربية منذ عام 1998 ساهم فى تدنى مستويات الخريجين ، ولا يتم الاستفادة منهم وبالتالى أصبحت كليات التربية تصدر مزيدا من العاطلين ، ومن هنا وعلى حد قولهم وجب الغاء تلك الكليات ، ولقد تبنى هذا الاقتراح وزير التعليم الأسبق دكتور هانى هلال فى حكومة أحمد نظيف رئيس الوزراء الأسبق، ولهذا وعبر حكومات متعددة فى ظل حكم الرئيس الأسبق حسنى مبارك ، تم التصريح والاعلان عن رغبة الحكومة الغاء كليات التربية ، ولولا ردود الأفعال الغاضبة من قبل أعضاء هيئة التدريس مما دفع بوزراء التعليم  تحت ضغط الرأى العام ومنعا لإثارة المجتمع  التخلى مؤقتا عن الفكرة ، بينما بقيت ضمن مخطط البنك الدولى يلوح بها فى كل وقت وكلما وجد الفرصة مناسبة للدفع بمشروع القانون ووجد من يتبنى ذلك الاتجاه من داخل لجان قطاع التعليم ومن داخل البرلمان أحيانا أخرى . 

وفى الأمس القريب كانت توصيات البنك الدولى هى المؤشر المعلن نحو مشروع الغاء كليات التربية ، واليوم يأتى مقترح تطوير كليات التربية المقدم من معهد الشرق الأوسط للتعليم التابع للجامعة الأمريكية والذى قدمته  لجنة قطاع الدراسات التربوية ،  حيث اقترح المعهد تحويل الكليات الي مكاتب لإعداد المعلم وتحويل مجهود التطوير بها لكليات الآداب والعلوم على أن يدرس خريج هذه الكليات الجزء التربوي داخل "مكاتب التربية". وجاء  نص المقترح كالأتي: "إسناد الجزء الأكبر في تطوير المعلم التربوي الي كليات العلوم والآداب وتترك نسبة 10% فقط للتربية على أن يتوقف القيد بها لمرحلة البكالوريوس".
وعليه نريد أن نناقش بموضوعية وحياد تام أبعاد هذا المقترح والى اى مدى يساهم فى تطوير كليات التربية ، ولماذا تم اعلان المقترح عبر مركز الشرق الأوسط بشكل خاص ، وما البدائل والحلول المقترحة لتطوير حقيقى للتعليم العام وللتعليم الجامعى ومنها كليات التربية التى بصلاحها يصلح المجتمع وبغيابها يضيع المجتمع وتسود الفوضى فى كافة مؤسساته ، لأنه اذا غاب من  يربى تربية حقيقية ، انعكس ذلك سلبا على المتعلمين فى  كافة مراحل التعليم ، لهذا وجب على المجتمع بأسره ان يناقش القضية ، ولا يجب اختزالها عند المتخصصين فى التربية فقط ، بل يجب ان تكون قضية رأى عام يتم مناقشتها بهدوء وبرعاية كاملة من متخذ القرار السياسي والتعليمى .

تعليقات وتساؤلات مشروعة عبر عنها أعضاء هيئة التدريس بكليات التربية بشأن بنود مشروع التطوير المقدم من مركز الشرق الأوسط التابع للجامعة الأمريكية؟

·        أشار النموذج الاسترشادى الى الغاء النظام التكاملى بالصورة المتعارف عليها والتأكيد على  النظام التتابعى بصورة غير مباشرة حيث دراسة التخصص الأكاديمى أولًا لمدة سنتين "الفرقة الأولى والثانية" ثم التخصص التربوى فى الفرقة الثالثة والرابعة بعد اجتيازه لمجموعة من اختبارات القبول فإذا فشل الطالب المعلم فى هذه الاختبارات يستمر فى كليته "العلوم أو الآداب" والسؤال  هل ما يدرسه الطالب المعلم فى كلية الآداب أو العلوم فى الفرقة الأولى والثانية يتسق مع ما يعد له، ومع رؤية ورسالة كليات التربية؟
·        ذكر النموذج الاسترشادى أن من أدوار الكليات المتخصصة تحديد متطلبات الجامعة وتوفيرها من خلال كلياتها المتخصصة والسؤال كيف لكليات غير مؤهلة تربوياَ أن تحدد ماهو مطلوب من كليات التربية المؤهله لهذا الدور مع اختلاف كل كلية فى فلسفتها ومتطلباتها ومعايير خريجيها أم أن الرؤية أن أساتذة كليات التربية غير مؤهلين لذلك فليس لديهم الخبرات والمهارت والقدرات للقيام بهذه المهمة؟
·        بالنسبه للتربية العملية 10%" يقوم بالإشراف عليها المكتب المفترح "مكتب إعداد المعلم بالجامعة" بالرغم من أن هذا مخالف لقانون تنظيم الجامعات، بل أضاف المقترح الاستعانة بعدد من المسئوليين فى وزارة التربية والتعليم ليشرفوا على التربية العملية أى أن كليات التربية عاجزة تمامًا عن القيام بهذه المهمه، فهل هذا تطوير أو تبوير وإلغاء لكليات التربية تدريجيًا؟
· بالرغم من أن التكنولوجيا هى الأساس فى إعداد المعلم للقرن الحادى والعشرين إلا أن البديلين قد خليا تماماً من أى إشارة إلى ذلك ، ولا توجد أى ساعات معتمدة لها إلا إذا اعتبرت ضمن ( 10% ) المخصصه للمكون التربوي.
· الساعات المعتمدة التخصصية تمثل 70 % بالرغم من أنه فى الوضع الحالى 75% وهذا أفضل من المقترح.
· إن الساعات المعتمدة الثقافية تمثل 10% وهذا أكثر مما ينبغى فهل يتساوى المكون التربوى ( 10 % ) مع المكون الثقافي مع إيماننا الكامل بأهمية الإعداد الثقافى للطالب المعلم.
·        أن تحول كليات التربية إلى "مكاتب" لإعداد المعلمين يعد أمرًا غير مقبول ولا يتفق مع اللوائح والقوانين وتهميش لدور أساتذة التربية بل فى الحقيقه إلغاء لكليات التربيه ودور العمداء، والسؤال لماذا لا يكون لكل قطاع من قطاعات الجامعه "الطب – الهندسة – العلوم الاجتماعية. وهكذا" مثل هذا المكاتب.
·        عنوان النموذج الاسترشادى المقترح "إعداد معلم مفكر – مهنى – ممارس – باحث"، عنوان مبهج ورائع إلا أن مكونات النموذج المقترح لا تعكسه.
·        هل تم مناقشة الهيكل المقترح مع لجان قطاع العلوم والآداب؟
كل ماسبق ذكره من تساؤلات وغيرها مما طرحها السادة اعضاء هيئة التدريس بكليات التربية على مستوى الجامعات المصرية ، ومازالت الردود تتوالى ، فإنها  تستوجب النقاش وتحتاج الى بناء خطة التطوير الحقيقى من داخل كليات التربية  ، وبعيداً عن الانفعال وفى ظل  النقاش الجمعى والاتفاق على راى جماعى باعتبارها قضية وطن ومصير مجتمع .

 أود ان اشير الى  ان الحكم على واقع التعليم فى مصر ومدى تدهور الحالة التعليمية بالمدارس وبالجامعات ، لا تتحمله كليات التربية ، ان غياب المنظومة التعليمية  وعدم تطبيق المعايير الواجب تطبيقها عند الاختيار وعند التنسيق ، وغياب التواصل بين وزارة التربية والتعليم وبين المجلس الأعلى للجامعات بشان حاجة المدارس الى أعداد معينة من الخريجين ، اضافة الى الغاء التكليف للمعلمين من خريجى كليات التربية ، ولجوء المدارس الى التعاقد مع غير المؤهلين تربويا ، دفع الى حالة الفوضى فى منظومة التعليم ، أضف الى ذلك الشعور المسبق لكل من يلتحق بكليات التربية بانه سوف يكون ضمن طابور البطالة المقنعة ، أدى ذلك الى انطفاء الدافعية لدى المجموع العام من الطلاب المعلمين ، مما أثر سلبا على مستوياتهم الأكاديمية والتربوية .

عند الحكم على كليات التربية علينا أن ننظر الى حالة المجتمع ككل ، ومن تقتصر نظرته على قراءة الجزء دون الاطلاع على الرؤية العامة لواقع المجتمع عليه أن يعيد النظر فى أحكامه ، ولهذا من المهم ان يبقى ملف التعليم مفتوح ، تعليم تنازلت الوزارة عن ممارسة دورها الرقابى المبنى على المحاسبية ، ومدارس غابت تماما عن أداء دورها التربوى والتعليمى وبقيت على جدرانها شعارات تحمل عناوين لرؤية ورسالة المدرسة ، فلا رؤية ولا رسالة على أرض الواقع .

من المهم ان يتم التواصل بين التعليم العالى وبين وزارة التربية والتعليم من أجل التنسيق بشان اعداد من يتم قبولهم فى كليات التربية ، من المهم ان يعود نظام التكليف المبنى على معايير اختيار حقيقية تتمثل فى مواصفات نفسية وعقلية وصحية  لكل من يلتحق بالدراسة ضمن كليات التربية ، ومن الأهم ان يتم تفعيل البحث العلمى لرصد الواقع التربوى والتعليمى وفق احصاءات حقيقية يتم تفعيلها ضمن محاولات التطوير التى يجب أن تكون مستمره وهادفة وتخدم الخطة الاستراتيجية للوزارة ، والتى لا تتغير بتغير الوزير أو الحكومة . فى امريكا واوربا يتم التركيز على اعداد المعلم بشكل عام ومعلم الروضة والمرحلة الابتدائية بشكل خاص نظراً لأنه يتحمل أمانة تربية وتعليم جيل المستقبل ، ولهذا لا تبخل تلك الدول بالانفاق على التعليم ضمن الموازنة العامة لها  .
 هذا وقد اطلعت بنفسي على نظام اعداد المعلم  فى الدول الاسكندنافية وبشكل خاص فى السويد ، حيث تتاح فرصة التدريب الميدانى للطلاب من خلال اختيار المدرسة التى سوف يتدرب فيها ،فإن اجاد وابدع ونال تقدير ادارة المدرسة اتفقوا معه على أن يعمل معهم عقب حصولة على الرخصة والانتهاء من الدراسة ، بل انه يحصل على مكافاة مالية نظير اشتراكة فى التدريس من خلال التدريب الميدانى .
ومن هنا وعبر قراءة واقع التدريب الميدانى فى مدارسنا نرى غياب المتابعة الميدانية وغياب الاشراف من داخل المدارس نتيجة عدم توفير الموازنات المالية التى تكفل مكافاة الاشراف على مستوى  معلم المادة وعلى مستوى ادارة المدرسة ، نعم انها مشكلات كثيرة تتعلق بالمنظومة ، ولا يجب على الاطلاق تحميل كليات التربية المسئولية عن كل الكوارث التى لحقت بالمجتمع ، حيث تدنى منظومة القيم وغياب الممارسات الأخلاقية ، وارتفاع الأصوات فى الأماكن العامة ،و تدنى المستوى الثقافى للطلاب بشكل عام ومنهم طلاب كلية التربية ، أضف الى ما سبق الخطاب الاعلامى المهمش للتربية ، والذى يدعم الترويج لدراما لا تعالج قضاياه ، وانتشار الأغانى الهابطة التى لا تربى الانتماء ولا تعلى من شأن القيم ، المشكلة اذا ليست مشكلة كليات التربية ، انها مشكلة مجتمع يأبى أن يهتم بقضاياه المصيرية ، بينما يهتم بمباريات كرة القدم ، يأبى أن يساهم فى انشاء مؤسسة تعليمية وتربوية بينما يساهم فى حفلات " الفتو داى " أو "الفن  داى " ، ينفق على للدروس الخصوصية بينما يرفض دفع  الرسوم الدراسية ، مجتمع غلب عليه ثقافة التقليد  الأعمى متناسيا تراثه وقيمه ، مجتمع تعليمى غاب عنه القدوة فى المنزل والمدرسة ، مجتمع  انشغل بجلد الذات دون ان يهتم بالبناء والتطوير على مستوى الفردى والجمعى .

كل مسبق يمثل جزء من المشهد العام ، وفى المقابل مازال هناك من يسعى الى التطوير الحقيقى ، وهناك امكانات كبيرة  فى الوطن على المستوى البشرى والمادى يمكن توظيفها اذا خلصت النوايا وصدقت ، واذا تحركت الارادة الوطنية بعيدا عن املاء الخارج أو تبعية الداخل . نريد أن نبنى مجتمع المعرفة والقيم ، نريد أن نبنى مجتمع الفكر لا مجتمع الخرافات ، نريد أن نربى الانتماء وليس التبعية والانخراط والتقليد الأعمى ، نريد أن يتم اعداد المعلم فى بيئة أسرية تحتضنه وتعلمه ، ثم مدرسة ترعاه وتربى لديه ملكات الفهم والوعى والتفكير ، ثم جامعه تؤصل لديه معنى المواطنة والانتماء وتدفعه الى ممارسة سلوكيات اكاديمية ومهنية وثقافية تؤهله لسوق العمل فى مجال التخصص ، كل هذا لن يتم الا عبر بيئة حاضنة ومجتمع متفهم واعلام هادف مؤسسات تعليمية وسياسية فاعلة وهادفة ، تعلن عن رؤيتها بوضوح وتسعى الى تحقيقها عبر رسالة وخطة معلنة تتضافر فيها الجهود ، ويجتمع على تنفيذها العقل الجمعى الوطنى ، ويستفاد بالخبرات العالمية فى توظيفها بما يتفق مع طبيعة المجتمع وامكاناته
لا نريد ان نبقى دائما ردة فعل لما يقوله الآخر ، نريد أن نكون نحن الفعل ، نؤسس لخطة واضحة ومعلنة ، تتبناها المؤسسة السياسية وترعاها المؤسسة التعليمية والتربوية ، ويحتضنها الرأى العام ، ويستفاد من كافة الخبرات دون اقصاء أو تهميش ، هذا ما يريده المجتمع وتريده كليات التربية وللحديث بقية .

من أين نبدأ تطوير التعليم فى مصر ولماذا ؟


        عند الحديث عن تطوير منظومة التعليم فى مجتمع ما ، يصبح لزاما على من قرر التطوير أن يعرض مشروعه على المجتمع ليناقش عبر القنوات الرسمية ، وتتاح فرصة النقاش الهادف عبر استطلاع الراى العام من ناحية ، وكذلك تعرف آراء المتخصيين والمهتمين بالشأن التربوى والتعليمى ، وعرض المشروع  عبر وسائل الاعلام المختلفة لكى يتعرف الرأى العام على ملامح التطوير وطبيعته ، وذلك انطلاقاً من ان التعليم يمثل مظلة للأمن القومى للمجتمع وبدونها لايمكن للمجتمع أن ينهض .
 ومنذ ايام  أعلن وزير التعليم المصرى مشروع تطوير التعليم والذى سوف يبدا تنفيذة خلال العام الدراسي 2018 من خلال مرحلة رياض الأطقال وكذلك الصف الأول الابتدائى ، حيث ستطبق مناهج جديدة على أطفال الروضة ، وان الوزارة قد اعدت العدة لتطبيق النظام الجديد ، وان التطبيق سوف يتم على مستوى الجمهورية منذ بداية العام الدراسي الجديد ، وان الوزارة قد قامت بتدريب المعلمين على أحدث الأساليب التى يتم من خلالها تطبيق الأنشطة التى تنمى مهارات التفكير لدى الأطفال فى تلك المرحلة .
اذا سلمنا بصحة كل ما يقال وأن الوزارة قد استعدت لتطبيق التطوير على مستوى الروضة والصف الأول الابتدائى ، فإن الواقع يشير الى كعس ما يقال ، ويكفى الاشارة الى واقع المدارس بالمرحلة الابتدائية ، وكذلك واقع الروضة فى العديد من المحافظات ، وليس عيبا أن نعترف بالواقع الموجود وأن نسعى الى تغييره ، ليس عيبا أن نعترف بواقع الاعداد لمعلمات الروضة وكونه يحتاج الى التطوير والتدريب المستمر ، ليس عيبا أن نعترف أننا لا نملك ابنية حقيقية تحقق مفهوم وأهداف مرحلة الروضة . العيب هو ان نسوق الوهم لمتخذ القرار ، العيب هو ان نستمر فى خداع انفسنا وتمر الأيام دون تطوير حقيقى ينعكس على شخصية ووجدان الأبناء بما يحقق نمو شامل للأطفال ويساهم بشكل مباشر فى تربية وتعميق الانتماء لديهم .   
ولكى تتضح الصورة للقارئ علينا ان نقف على مفهوم رياض الأطفال وأهداف مرحلة الروضة ، لكى يكون التقويم موضوعياً ، ولكى نصل الى توصيات يمكن ترجمتها على أرض الواقع بما يحقق تطوير حقيقى للتعليم .
ولقد عرفها البعض بانها " مؤسسات تربوية صممت لتقديم الرعاية والعناية من خلال البرامج التربوية المصممة للأطفال فى مرحلة الطفولة المبكرة ، بهدف تنمية الأطفال جسمياً وعقليا واجتماعيا ووجدانيا وانفعاليا فى بيئة تربوية صالحة .
وكلمة رياض الأطفال لها معنى ودلالة :- فهى حديقة الأطفال وتتضمن فكرة ان الأطفال مثل نباتات الحديقة يجب أن نتولاها بالعنايه الفائقه لتنمو وتزدهر   .
     هذا وتنطلق أهمية رياض الأطفال من كونها  مرحلة تعليمية مُهمة لتهيئة الطفل قبل التحاقه بالمدرسة، وانخراطه ببيئة أكبر، مقارنة بمحيطه الأُسريّ أو الاجتماعيّ، وتعويده على خطوة صغيرة من مشوار تربوي طويل بانتظاره، ومساعدته على تنمية شخصيته، وكسر الحواجز بينه وبين الأشخاص الذين لم يتعوّد عليهم في المنزل أو أثناء ذهابه للملاعب والأماكن الترفيهية الأُخرى، وتكمن أهمية رياض الأطفال أيضاً من خلال سعيه لتحقيق مجموعة من  الأهداف منها :  
·       مُساعدة الطفل على التكيف الاجتماعي وتنمية رغبته في العيش مع الآخرين.
·       إكساب الطفل بعض القيم والمبادئ الدينية السامية بما يناسب مرحلته وغرس روح الانتماء لوطنه وأمته لديه.
·       تنمية القدرات الذهنية والإبداعية للطفل من خلال خلق فضاء تعليمي يتسم بالمرونة، ويستطيع الطفل من خلاله التعبير عن ذاته بأريحيّة. مساعدة الطفل في استكشاف محيطه من خلال الأدوات والأساليب المختلفة؛ كالصور، والملصقات الملونة، والألعاب، والمجسمات، إلى جانب القيام بالرحلات والنزهات.
·       تعويد الطفل على العمل الجماعي والتعاوني، وذلك من خلال مشاركته مع بقية الأطفال في الأعمال التي تطلبها معلمة الرياض منهم؛ كزراعة الزهور في حديقة الرياض، أو القيام بترتيب الغرف التعليمية.
·       كسر الحاجز بين الطفل ومفهوم المدرسة؛ فكثيراً ما تواجه الأمهات مشكلة نفور أطفالهن في المراحل التعليميّة الأولى من المدرسة؛ لكن المنهجية التي تعتمدها مؤسسات رياض الأطفال، والتي تمزج بين التعليم، والترفيه، واعتماد الأساليب والأدوات الممتعة، تكسر حاجز الخوف الذي يُرهبه قبل التحاقه بالصف الأوّل في المدرسة.
·       اكتشاف مواهب الطفل وتنميتها؛ كالعزف الموسيقي، والغناء، والرقص، والرسم وغيرها.
·        تعويد الطفل على تحمل المسؤولية تجاه نفسه بعيداً عن رعاية الأم والعائلة .
بعد الاطلاع على مفهوم وأهداف الروضة  ترى الى مدى يمكن تنفيذ وتطبيق تلك الأهداف فى الواقع الحالى للروضة فى مصر ؟ هل سيتم اعداد البيئة المناسبة والمعلم المناسب خلال خمسة أشهر من الآن ؟ عند سؤال العديد من المتخصصين فى مجال رياض الأطفال " هل تم تدريب المعلمات ؟ هل سمعتم عن برامج تدريب حديثة خضعت لها معلمات الروضة خلال الأيام الماضية ؟ الاجابة بالنفى ...........
من الجميل أن نطور ومن الأجمل أن يعرف المجتمع آليات التطوير ، من المهم أن نطلع على تجارب عالمية فى مجال تطوير رياض الأطفال ، وأن نستفيد منها بما يتناسب مع طبيعة المجتمع المصرى ، وبما يتناسب مع طبيعة الأطفال فى مصر ، ولا يعنى التطوير أن ننقل تجارب الآخر دون مراعاة للواقع ولفلسفة التعليم  وللقيم المجتمعية ، مطلوب أن نبدأ بالتطوير الشامل منذ مرحلة الروضة عبر دعوة المجتمع بأسرة الى المشاركة فى التطوير ، وبالنظر الى مرحلة الروضة فى امريكا واوربا نجد أن لها أهمية خاصة ترتبط بضرورة رعاية الأطفال والاهتمام بهم جسميا وعقليا ووجدانيا ، ولهذا يتم اختيار وتدريب المعلمات بشكل فعال ، ويتم تجهيز الروضة بكافة الامكانات التى تساعد الأطفال على ممارسة الأنشطة المختلفة ، وترفع فرنسا شعار " صلاح التعليم هو فى صلاح المعلم " ، " يقدر قيمة المعلم تقع قيمة التعليم " ، ولهذا فإن اعداد المعلم من الأمور التى تحتاج الى بذل الجهد والوقت لكونه يتحمل مسئولية الاعداد النفسيى والوجدانى والعقلى للأطفال ، وهذا يحتاج الى جهد ووقت ، وهذا ما نود أن نشير اليه ونركز عليه ، حيث يجب على وزارة التعليم أن تهتم ببرامج التدريب الحقيقية التى تنمى مهارات حقيقية ، برامج  وورش عمل يقوم عليها أهل الاختصاص ، برامج تنفذ على أرض الواقع وليس مجرد محاضرات للمعلمين والمعلمات ، اذا اردنا تطوير حقيقى وبداية حقيقية لتطوير الروضة علينا ان نخاطب المجتمع لكى يكون شريكاً فى المشروع ، أما أن يفرض على المجتمع ولا يتم تهيئة البيئة والواقع ، فهذا مجرد تصدير لتجارب كتب لها الفشل قبل أن تبدا ، المجتمع الغربى اذا اراد ان يطبق جديدا فى منظومة التعليم  كان عليه أن يخاطب الرأى العام ويضع أولياء الأمور داخل المشهد ،لا ينفرد شخص باتخاذ قرار  ويفرضه على مجتمع ، الكل شركاء فى اتخاذ القرار ، والمعلم شريك أساسي وعليه واجبات كثيرة ، وعن المعلم نتحدث فى المقال القادم ان شاء الله تعالى 

تطوير التعليم فى مصر " من أين نبدأ؟ " 1

التطوير يعنى التحسين ويحمل فى طياته الشمولية والموضوعية ، والتطوير يعني : التغيير أو التحويل من طور إلى طور .و تعني كلمة تطور " تحول من طوره " تعني كلمة " التطور" التغير التدريجي الذي يحدث في بنية الكائنات الحية وسلوكها .ويطلق أيضاً على " التغير التدريجي الذي يحدث في تركيب المجتمع أو العلاقات أوالنظم أوالقيم السائدة فيه ".التطوير اصطلاحاً هو: التحسين وصولاً إلى تحقيق الأهداف المرجوة بصورة أكثر كفاءة .
وتطوير العملية التربوية يقصد به تحسينها وصولاً إلى تحقيق الأهداف التربوية المنشودة بصورة أكثر كفاءة "

ومن المؤكد أن هناك فرق بين التطوير والتغيير ، حيث يكون التغيير الى الأسوا أو الأفضل بينما التطوير يكون غالبا نحو الأفضل ، والتغيير يكون جزئى بينما التطوير يتصف بالشمولية ،  كذلك فإن التغيير قد يتم في بعض الأحيان بإرادة الإنسان وقد يتم في أحيان أخرى بدون إرادة الإنسان ، بينما التطوير لا يتم إلا بإرادة الإنسان ورغبته الصادقة ؛ فإذا لم تتكون الإرادة نحوه وتتوفر الرغبة فيه فلا يمكن له أن يرى النور ، أو يظهر إلى حيز الوجود .

وتبقى الاشارة الى الفرق بين البناء والتطوير ، حيث ان البناء يبدأ من الصفر ، بينما التطوير فإنه يبدأ من شيء قائم وموجود فعلاً ، و لكن يراد الوصول به إلى أحسن وأسمى صورة ممكنة. 
على ضوء ما سبق من توضيح لمفهوم التطوير والفرق بينه وبين مفاهيم اخرى مثل  التغيير والبناء نود أن نتناول بالتحليل ما يثار حاليا حول تطوير المناهج فى مصر والعالم العربى ، وأن هناك خطة لتطوير التعليم سوف يتم تفعيلها مع بداية العام القادم 2018 .

ولقد أشار وزير التربية والتعليم الى  ان النظام الجديد للتعليم سوف يطبق بداية من العام المقبل علي الأطفال بمرحلة رياض الاطفال Kg1 و Kg2  ، ثم مرحلة التعليم  الثانوى من الصف الأول الثانوى .
 وحسب التقرير المقدم من وزير التعليم للرئاسة والحكومة والبنك الدولي، فإن الهدف الأهم من النظام الجديد للتعليم، إلغاء الحفظ والتلقين والإجابات النموذجية والدروس الخصوصية، والاعتماد على الفهم والتحليل والبحث والابتكار، بشكل يجعل من الطالب "مفكر وباحث"، ويجعل من المعلم "موجه ومساعد وناصح لهذا الباحث"، وتكون التكنولوجيا وحدها وليس المعلم المصدر الأساسي للمعلومة.

ونود أن نشير الى مجموعة من النقاط الرئيسة التى تضمنها المشروع الذى تقدم بع وزير التعليم بشأن التطوير المزمع تنفيذه مع بداية العام الدراسي سبتمبر 2018 وهى على النحو التالى : 
1- مناهج جديدة لرياض الأطفال من العام الدراسي المقبل (سبتمبر 2018) على أن تغيير مناهج باقي الصفوف تباعا.


2- التغيير في كل الصفوف الدراسية يشمل "المناهج وطريقة التدريس والتقييم وشكل اﻻمتحانات والتصحيح".
3- زيادة التركيز على تدريب معلمي رياض الأطفال باعتبارهم من يؤسسوا لطفل متعلم على أحدث الطرق الدولية.
4- تخفيف المناهج بالنسبة للصفوف الابتدائية والإعدادية لحين تغييرها بالكامل.
5- تطوير المعلمين بالمرحلتين الابتدائية والثانوية على النظام الجديد في التقييم والتعليم والمناهج وطريقة التدريس.
6- تعتمد الثانوية التراكمية على تغيير معايير التقييم والامتحانات وفسلفة التعلم.
7- الطالب فى منظومة الثانوية الجديدة سوف يخوض 12 امتحانا على مدار الـ 3 سنوات.
8- سوف يكون الـ12 امتحانا في كل مادة، بمعني أنه سوف يمتحن كل المواد 12 مرة.
9- سوف يتم احتساب درجات الطالب في أعلى 6 امتحانات بحيث تكون أمامه أكثر من فرصة للتعويض.
10- نظام الثانوية العامة الجديد لن يطبق على المدارس الدولية.
11- تطبيق النظام الجديد في الثانوية العامة ابتداء من شهر سبتمبر 2018.
12- تسليم جميع طلاب الثانوية العامة أجهزة تابلت محمّل عليها المناهج.
13- تسليم جميع معلمي المرحلة الثانوية أجهزة تابلت.
14- أجهزة التابلت سوف تسلم للمعلمين والطلاب مجانا.
15- توفير باقات إنترنت مجانية فائقة السرعة بالمدارس.
16- النظام الجديد للثانوية العامة يشترط عدم تخطي الطلاب نسبة الغياب المقررة قانونا.
17- المعلم هو من سوف يسجل غياب الطلاب إلكترونيا ويتحمل مسئولية أي تزوير أو مجاملة، ومن يتجاوز نسبة الغياب القانونية لن يدخل الامتحان.

18- امتحانات الثانوية العامة سوف تكون على مستوى المدرسة وليس على مستوى الجمهورية.
19- سوف يتم إرسال الأسئلة إلى الطالب مباشرة عن طريق الإنترنت للإجابة عليها وحفظ الإجابات بنظام معيّن.
20- سوف يكون هناك بنك مخصص للأسئلة، وجميع أسئلته متطابقة في درجة السهولة والصعوبة ومن خلال هذا البنك سوف تٌرسل الأسئلة للطالب إلكترونيا.
21- بنك الأسئلة مؤمن من أي اختراقات أو قرصنة.
22- لن يكون هناك وسيط بشري بين بنك الأسئلة والطلاب، فلا مجال للتسريب.
23- المعلمون سوف يشاركون في وضع بنوك الأسئلة، على أن يتم الاختيار من بينها بشكل عشوائي لكل مدرسة، بمعنى أن امتحانات الثانوية في المدارس ليست موحدة، لكنها متوحدة في درجة السهولة والصعوبة.
24- تطبيق هذا النظام على الصف الأول الثانوي من العام الدراسي الجديد، بمعنى أن طلبة الصف الثالث الإعدادي حاليا، هم أول من يطبق عليهم النظام الجديد.
25- الوزارة قررت اللجوء للتابلت في نظام التعليم الجديد لتوفير مصدر معرفي أكثر ثراء من الكتاب المدرسي التقليدي لجميع الطلاب بما فيهم الأغنياء والفقراء.
26- حسب كلام وزير التعليم، فإن الوزارة تهدف من التابلت إلى جذب الطلاب للمذاكرة بطريقة ممتعة.
27- حسب تعهدات الوزير: التابلت سيجعل منظومة الامتحانات أكثر أمانًا ونزاهة لأنه سيتم إرسال الامتحانات للطلاب بلا وسيط بشري.
28- الدولة ستؤمن على أجهزة التابلت من الضياع أو التلف ولن يتم استرجاعها من الطلاب مرة أخرى.
29- سيتم إلغاء نظام التقسيم لشعبتي علمي وأدبي في الثانوية العامة بعد 12 سنة من الآن مع وصول أول دفعة في نظام التعليم الجديد لمرحلة الثانوية العامة وليس الآن.
30- دراسة العلوم والرياضة بالإنجليزية تبدأ من المرحلة الإعدادية وسوف تكون باللغة العربية في المرحلة الابتدائية.
31- لا يوجد شيء اسمه درجات شفوية، ولن يتحكم المعلم في مصير الطالب.
32- تصحيح الامتحانات سوف يكون بشكل إلكتروني وسري عن طريق المعلمين.

33- النظام الجديد للثانوية العامة سوف يبدأ تطبيقه بالمناهج الحالية، إلى حين تغييرها.
34- سوف يبدأ تطبيق نظام الثانوية الجديد بـ"التابلت والكتاب" معا، حتى يتعود الطالب على التابلت فقط.

على ضوء ما سبق يمكن لنا أن نطرح مجموعة من التساؤلات بشان ما تم طرحة من قبل السيد وزير التعليم لكى نرى الى أى مدى يعتبر هذا الطرح تطوير لمنظومة التعليم . 

أولا : هل من الأفضل أن يتم الاعلان عن فلسفة التطوير للتعليم بشكل عام  أم يتم الاعلان عن تغيير المناهج ونظم الاختبارات لمرحلة بعينها أو مجموعة مراحل تعليمية فى آن واحد ؟

ثانيا:  اليس من الأجدى أن يتم الاعلان عن مؤتمر قومى يتم من خلاله تقويم ما سبق من تجارب للوقوف على ايجابياتها وسلبياتها ، وكذلك دعوة المهتمين بالشأن التربوى والتعليمى والمجتمعى للمشاركة فى نقاش هادف حول قضايا التربية والتعليم فى مصر ؟

ثالثا : اين المعلم المصرى من تلك القرارات وأين نقابة المعلمين التى غابت وغيبت عن المشهد ، وهل من المنطق أن يقال بأن المنظومة سوف تطبق على مرحلة الروضة العام المقبل بينما معلمات الروضة فى ربوع الوطن لا يعلمون اى شيء عن طبيعة المنظومة المزمع تطبيقها ؟ 

رابعا : اذا كانت الوزارة ترغب فى تطوير مرحلة الروضة باعتبارها نقطة البداية ، اليس الأولى أن يكون التطوير للروضة بالمعنى الحقيقى من خلال اعداد مسبق لمعلمات الروضة ووفق برامج تدريبية تستهدف تطوير القدرات ، وتجهيز البيئة الفيزيقية للروضة والتى تسمح لطفل الروضة باللعب التربوى وومارسة الأنشطة بشكل فعال ، أين تصميم الروضة الذى يرقى الى مستوى التفعيل بعيدا عن التنظير أو الأحلام المفرطة التى لا ترقى للتطبيق فى ظل واقع الروضة الحالى ؟ 

خامسا:  لماذا الحديث عن تطوير مرحلة التعليم الثانوى الآن ؟ اذا كانت الاجابة تتمثل فى التعلب على مشكلة الدروس الخصوصية ، فهل تضمن الوزارة للأولياء الأمور وللمجتمع أن يتم القضاء على الدروس الخصوصية  وأن ينتظم الطلاب فى الدراسة وتعود المدرسة الى ممارسة أدوارها فى مرحلى التعليم الثانوى ؟ وفى حال فشل منظومة التطوير للمرحلة الثانوية  هل يعنى ذلك الاقرار بفشل التجربة ؟ وهل امداد الطلاب بتابلت وضعت عليه المناهج ويمارس الطلاب التقويم من خلاله تعتبر تجربة جيدة ؟ أم من الأفضل تدريب الطلاب على ذلك من بداية المراحل التعليمية ؟ وأين معلمى التعليم الثانوى من منظومة التطوير المزمع تطبيقها عليهم ؟ هل معلم المرحلة الثانوية جاهز للتعامل مع المناهج الاليكترونية والتقويم الاليكترونى ؟ 

سادسا : ترى من سيقوم على اعداد مناهج الروضة وكذلك مناهج الصف الأول الثانوى باعتبارها مناهج جديدة ومطورة ؟
وزير التعليم أعلن انه سوف يتم ادراج المناهج الدراسية على التابلت ولا يجوز للمعلم ان يتدخل فى المقرر الدراسي ويبقى دوره فى التوجيه والاشاد فقط ، فمن اذا يتولى اعداد المقررات المزمع تطبيقها مع النظام الجديد ؟ 

سابعاً : الى متى سيبقى اسلوب الاقصاء شعارا يرفعه كل وزير يأتى الى الوزارة ، اقصاء ما قام به الآخر ، لماذا لا يتم البناء على ماسبق ؟ لماذا لا تتم محاسبة الجميع ؟ كل وزير يساهم فى نهضة المجتمع وتطوير التعليم يجب أن يكرم ، وكل وزير أساء الى التربية أو التعليم يجب أن يحاسب . 

ثامنا : أين موقع الهوية والانتماء فى مناهج التعليم ؟ اين موقع المواد التى تربى الانتماء للوطن ؟ من حق المواطن والمجتمع أن يتعرفوا على آليات المقررات الجديدة فيما يخص طبيعة الأنشطة والمقررات التى تربى الانتماء وتؤصل للهوية بمعناها الكبير . 

تاسعا:  نظام التقويم فى منظومة التطوير المقترحة تركز على مهارات التفكير العليا وهذا امر مهم ومطلوب ، ولكن يرتبط بهذا تغيير منظومة التدريس وتطوير استراتيجيات تدريس من خلال اعداد وتدريب معلمين اكفاء يمتلكون تلك المهارة ، وعلى هذا فهى منظومة متكاملة تستوجب الانسجام بين ما يدرس من موضوعات ومحتوى وبين من يقوم على التدريس وهو المعلم الواعى الذى يميلك قدرات عالية ولديه وعى بطبيعة أدواره التربوية والأكاديمية والثقافية ، وهذا المعلم نحتاج اليه بقوة فى ظل التحديات التى نواجهها اليوم ، وفى ظل غياب الهوية والانتماء ، وفى ظل غلبة المصالح الفردية وانتشار عدوى الدروس الخصوصية ، وغياب التواجد المعنوى داخل المدارس من قبل الكثير من المعلمين ، وادعاء المدرسة أنها تؤدى دورها التربوى والتعليمى فى حين أنها غائبة بفعل فاعل ، ولهذا نحتاج الى استعادة دور المدرسة الحقيقى من خلال ادارة فعالة ومشاركة مجتمعية حقيقية ، ومقررات دراسية يقوم على اعدادها أبناء الوطن من المخلصين ، وأنشطة تعليمية تعكس طبيعة الأهداف المعلنة ، وطرق تدريس تترجم تلك الأهداف بوضوح وفعالية ، ثم اسالسيب تقويم تراعى طبيعة الأهداف وطبيعة المتعلمين . 

عاشرا:  لا حديث عن معنى دون الحديث عن المبنى ، كل من يقرر اصلاح منظومة التعليم عليه أن ينظر الى طبيعة البنية الفيزيقية ، من تجهيزات وملاعب ومعامل وغرف صفية تتناسب مع الكثافة العددية ، ودورات مياة تحترم آدمية المتعلمين والعاملين ، مدرسة حقيقية تستوعب الجميع ، ولو عدنا الى ما يتم انفاقة من اموال على الدروس الخصوصية من قبل اولياء الأمور ، وتم توجيه تلك الأموال أو جزء منها للبنية الأساسية للمدارس ، لأصبحت مدارسنا فى افضل حالة ، لهذا نحتاج الى اصلاح حقيقى للبنية الساسية للمدارس بعيدا عن الفساد الادارى الذى يمارس ويدعى أن هناك تطوير وصيانة للمبنى المدرسي ، فى حين أن الواقع والصورة تعبر عن النقيض ، ومن العيب أن نتحدث عن تابلت لكل معلم ولكل تلميذ فى حين أن غالبية المدارس لا يوجد بها مصادر شحن للتابلت ، والطالب يبقى فى المدرسة أكثر من 6 ساعات، فكيف للمجموع العام أن يقوم بشحن التابلت . 

تلك مجموعة من التساؤلات حاولت ان اضعها بين يدى القارئ الكريم ، وعلينا أن نحاول تناول ذلك الملف بشكل اعمق لنرى حقيقة التطوير الذى نرجوه على مستوى المقررات الدراسية ، وعلى مستوى الادارة ، وعلى مستوى المشاركة المجتمعية الحقيقية ، وعلى مستوى استراتيجيات التدريس ، وعلى مستوى الأنشطة وأساليب التقويم ، وأخيرا على مستوى المبنى الذى يحتضن المعنى ويربى القيم ويعمق مهارات التفكير ويحافظ على الهوية . هذا ما نتناوله فى اللقاء القادم . 


توصيف مقرر التغيرات المناخية

    توصيف مقرر التغيرات المناخية   الدكتور / صلاح عبد السميع   توصيف المقرر : يُعد مقرر "التغيرات المناخية" جزءًا من...