الاغتراب الأسرى والمجتمعى نتاج شبكات التواصل الاجتماعى .

شبكات التواصل الاجتماعي كثيرة ومتنوعة فى ظل الثورة التكنولوجية والمعلوماتية ، وأشهرها الآن "الفيس بوك " والذي أسسه ذلك الشاب الأمريكي " مارك زوكربيرج" عام 2004، وعبر السنوات التالية للتأسيس أصبح ضمن أشهر وأغنى (35) شخصية على مستوى العالم ، ووصل عدد مستخدمي "الفيس بوك" أكثر من 850 مليون مستخدم على مستوى العالم. والسؤال الآن إلى أي مدى حققت شبكات التواصل الاجتماعي الهدف من تأسيسها ؟ من المؤكد أن ذلك الموقع الذي بدأ بمشاركة المئات عقب تدشينه لأول مره ونشره عبر الويب ، إلى أن أصبح خلال سنوات معدودة يتجاوز (850) مليون مستخدم على مستوى العالم ،دليل على مدى تجاوب المستخدمين وانتشار " الفيس بوك " حتى أصبح داخل كل أسرة في عالمنا العربي بشكل خاص وهنا محور النقاش والهدف من المقال . لست هنا بصدد التأريخ لمواقع التواصل الاجتماعي ولا لأنواعها ، ولكنى أكتب اليوم عن واقع انتشار تلك المواقع ومنها "الفيس بوك" في عالمنا العربي ومدى تأثير ذلك سلبا وإيجابا على الأسرة والمجتمع . من المؤكد ان التواصل عن بعد قد أدى إلى تقريب المسافات الجغرافية وأدى بدوره الى تخطى الحاجز الجغرافي ، وفى ظل العولمة أصبح العالم قرية واحدة ، وساهم الفيس بوك وغيره من شبكات التواصل الاجتماعي في سرعة نقل الخبر، وفى التواصل الصوتي والمرئي والكتابي بين المشاركين ، ولهذا أصبح المسافر البعيد قريب بفضل تلك التقنية ، وهنا أود أن أشير إلى انه بالرغم من ذلك الا أن المتابع لواقع استخدام "الفيس" وغيره من شبكات التواصل ، يرصد حالة الاغتراب النفسي داخل الأسرة الواحدة ، بل يرصد حالات الخصام الفيزيقي على مستوى الأفراد داخل الأسرة وفى محيط العائلة ، فقد غاب الجلوس مع الوالدين ، وغاب الحوار مع الجد والجدة ، غابت حدوتة قبل النوم ، أصبح الشعار كما يقول الشاعر " القريب منك بعيد والبعيد عنك قريب " نعم كل فرد من أفراد الأسرة الواحدة يتواصل مع أصدقاء فى قارات مختلفة ولكنه لا يتواصل مع اقرب الناس إليه ، أصبح "الموبايل" وتطبيقاته المختلفة هو الصديق بل هو الأب والأم والأخ ، أصبح هو البديل فكانت المشكلة ، نعم إنها مشكلة الخصام الأسرى والمجتمعي، ذلك المفهوم الذي لم يكن يعرفه المجتمع ولا تعرفه الأسرة من قبل إلا في أضيق الحدود ، أصبح هو السائد الآن ، يكفى أن تنظر إلى أي أسرة تجلس في مكان عام ، من السهل أن تلاحظ أن كل فرد من أفراد الأسرة قد انشغل عن الآخرين "بالموبايل " فقد غاب الحوار المباشر في المكان الذي يجب أن يكون فيه الحوار ، بقى الحوار الاليكتروني شعارا يرفع ، بينما غاب التواصل النفسي والفيزيقي بين أفراد الأسرة الواحدة والعائلة الواحدة ،وفي الوقت الذي كان يهدف مؤسس الفيس بوك " "مارك" إلى أن يحقق تواصل اجتماعي بين طلاب الجامعة كهدف رئيس يحققه أول برنامج قام بتصميمه قبل الفيس بوك ، حتى يتيح للجميع الطلاب التعارف الاليكتروني ، إذا بنا بعد مرور تلك السنوات على إطلاق "الفيس بوك" نرى الوجه الآخر له ، والمتمثل فى ذلك العالم الافتراضي الذي يصنعه كل فرد من أفراد الأسرة ليعيش معه وبه ، من الطفل الصغير صاحب الثلاث سنوات مرورا بالشباب واستثنى هنا الشيوخ لأنهم من يدفع ضريبة هذا العالم الافتراضي، من خلال انشغال الأبناء والأحفاد بعالم الفيس وغيره على حساب الآباء والأجداد . انه واقع مؤلم يستدعى ابتكار آليات تدفع نحو تواصل أسرى ومجتمعي يعيد مشاعر الدفء العائلي ، حيث كانت العائلة بعيداً عن العالم الافتراضي، يحنو الكبير على الصغير ، ويوقر الصغير الكبير ، حيث كانت الجدة تجلس لتحكى للأحفاد حدوتة قبل النوم ، ومع غروب الشمس يجلس الجميع ليتحدثوا وجها لوجه ، وليعبر كل فرد من أفراد العائلة عن مشاعره وعن آلامه وآماله، ومع بساطة الحياة وفى غياب الرفاهية ، الا أن الحساس بالوقت كان ذا معنى وقيمة ، وكانت البركة فى القليل ، وكان الحب قيمة تمارس في محيط الأسرة والعائلة ، وكان اجتماع أفراد العائلة الواحدة فى مكان واحد نموذجاً يعبر عن تماسك المجتمع . ترى هل بات من الصعب العودة لاستدعاء ذلك المشهد في ظل العالم الافتراضي ؟ هل أصبح الفيس بوك هو البديل ؟ متى ندرك أن البعيد عنك قريب والقريب منك أصبح أشد قرباً " ؟ الإجابة عندما نبدأ بادراك خطورة القضية ، عندها يمكن للمجموع العام من خلال الوعي أن يطرح الحلول . - See more at: http://orbit-media.net/%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA/item/14202-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%BA%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B3%D8%B1%D9%89-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%B9%D9%8A-%D9%86%D8%AA%D8%A7%D8%AC-%D8%B4%D8%A8%D9%83%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D8%A7%D8%B5%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%B9%D9%8A.html#sthash.c1UaJrIy.dpuf

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

توصيف مقرر التغيرات المناخية

    توصيف مقرر التغيرات المناخية   الدكتور / صلاح عبد السميع   توصيف المقرر : يُعد مقرر "التغيرات المناخية" جزءًا من...